القائمة الرئيسية

الصفحات

الرد على الحلقة السادسة بعنوان "حجاب وحشمة لزوم رمضان"

بسم الله الرحمن الرحيم

الرد على برنامج "صوماً مقبولاً" للمدعو أندرو حبيب


الرد على الحلقة السادسة بعنوان "حجاب وحشمة لزوم رمضان"



أهلاً بكم أعزائي المتابعين الكرام مع فصل جديد من السخرية والإستهزاء من الإمعة أندرو حبيب!، ولكني سألقنك درساً لن تنساه طوال حياتك أيها التافه.

قام هذا الإمعة بسخرية كعادته باختراع حوار وهمي، وهو أن هناك أم مسلمة توصي ابنتها قبل دخول رمضان بأيام قليلة بقولها: لازم تشتري قماش الحجاب وتعدلي لبسك شوية يا بت يا زينب!؛ لان مينفعش تصومي بشعرك وبلبسك دا!، فالحجاب من ربنا زي ما قالولنا! وشعرك دا لجوزك بس، رد عليها ابنتها: بس أنا مش مقتنعة، وبعدين قالت هي هتيجي عليا ما كل المسلمات بيتحجبوا في رمضان وبعد رمضان بيخلعوه وحياتهم زي ماهي!

ثم أتى بفيديو قصير لإمرأة متبرجة تقول ان آية سورة الأحزاب بشهادة جل المفسرين نزلت للتمييز بين الحرائر والإماء، لانه كان يُتحرَّش بهن ويعتبرونهم كأنهن إماء!!

ثم يحتفنا بقوله: ربنا يهمه القلب، غطاء القلب مش الشعر.. ما كتير محجبات بيطلع منهم حاجات غلط وبيعملوا معاصي وذنوب كتيرة.


وللرد على هذا الحاقد سنتكلم في عدة نقاط بإذن الله

أولاً: بيان وجوب الحجاب للمرأة المسلمة.

ثانياً: هل غير المحجبة صيامها لا يصح؟

ثالثاً: الرد على قول غير المحجبة: أنا مش مقتنعة بالحجاب!

رابعاً: القول فيمن ترتدي الحجاب في رمضان فقط.

خامساً: الرد على كلام المرأة المتبرجة بخصوص آية سورة الأحزاب.

سادساً: القول الفصل في قول (الحجاب في القلب).

سابعاً: بيان قوله أن هناك محجبات تقع في الذنوب والمعاصي.

ثامناً: هل يوجد حجاب للمرأة في المسيحية؟
.



أولاً: بيان وجوب الحجاب للمرأة المسلمة.


الآيات التي تتعلق بالحجاب :
1. قال تعالى : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور/31
2. وقال تعالى : ( وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) النور/60 .
والقواعد : هن اللاتي تقدَّم بهن السن فقعدن عن الحيض والحمل ويئسن من الولد . وسيأتي من كلام حفصة بنت سيرين وجه الاستدلال بهذه الآية .
3. وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الأحزاب/59
4. وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً ) الأحزاب/53

أما الأحاديث :
1. عن صفية بنت شيبة أن عائشة رضي الله عنها كانت تقول : لما نزلت هذه الآية ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) أخذن أُزُرَهن (نوع من الثياب) فشققنها من قبل الحواشي فاختمرن بها . رواه البخاري ( 4481 ) ، وأبو داود ( 4102 ) بلفظ :
" يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله وليضربن بخمرهن على جيوبهن شققن أكثف مروطهن (نوع من الثياب) فاختمرن بها " . أي غطين وجوههن
.
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله تعالى - :
وهذا الحديث صريح في النساء الصحابيات المذكورات فيه ، فهمن أن معنى قوله تعالى : وليضربن بخمرهن على جيوبهن يقتضي ستر وجوههن ، وأنهن شققن أزرهن فاختمرن أي : سترن وجوههن بها امتثالا لأمر الله في قوله تعالي : وليضربن بخمرهن على جيوبهن المقتضي ستر الوجه ، وبهذا يتحقق المنصف : أن احتجاب المرأة عن الرجال وسترها وجهها عنهم ثابت في السنة الصحيحة المفسرة لكتاب الله تعالى ، وقد أثنت عائشة رضى الله عنها على تلك النساء بمسارعتهن لامتثال أوامر الله في كتابه ، ومعلوم أنهن ما فهمن ستر الوجوه من قوله وليضربن بخمرهن على جيوبهن إلا من النبي صلى الله عليه وسلم لأنه موجود وهن يسألنه عن كل ما أشكل عليهن في دينهن ، والله جل وعلا يقول : ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ) فلا يمكن أن يفسرنَها من تلقاء أنفسهن .
وقال ابن حجر في " فتح الباري " : ولابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن عثمان بن خيثم عن صفية ما يوضح ذلك ولفظه : " ذكرنا عند عائشة نساء قريش وفضلهن فقالت : " إن نساء قريش لفضلاء ، ولكنى والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار : أشد تصديقا بكتاب الله ولا إيمانا بالتنزيل ، لقد أنزلت سورة النور وليضربن بخمرهن على جيوبهن فانقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل فيها ، ما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها فأصبحن يصلين معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان " كما جاء موضحاً في رواية البخاري المذكورة آنفاً ، فترى عائشة رضى الله عنها مع علمها وفهمها وتقواها ، أثنت عليهن هذا الثناء العظيم ، وصرحت بأنها ما رأت أشد منهن تصديقا بكتاب الله ولا إيمانا بالتنزيل ، وهو دليل واضح على أنهن فهمن لزوم ستر الوجوه من قوله تعالى : وليضربن بخمرهن على جيوبهن من تصديقهن بكتاب الله وإيمانهن بتنزيله ، وهو صريح في أن احتجاب النساء عن الرجال وسترهن وجوههن تصديق بكتاب الله وإيمان بتنزيله كما ترى ، فالعجب كل العجب ممن يدعي من المنتسبين للعلم أنه لم يرد في الكتاب ولا السنة ما يدل على ستر المرأة وجهها عن الأجانب ،‍ مع أن الصحابيات فعلن ذلك ممتثلات أمر الله في كتابه إيمانا بتنزيله ، ومعنى هذا ثابت في الصحيح كما تقدم عن البخاري ، وهذا من أعظم الأدلة وأصرحها في لزوم الحجاب لجميع نساء المسلمين كما ترى " . " أضواء البيان ( 6 / 594 – 595 ) .
2. عن عائشة أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كنَّ يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع ( أماكن معروفة من ناحية البقيع ) فكان عمر يقول للنبي صلى الله عليه وسلم : احجب نساءك ، فلم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ، فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي عشاء - وكانت امرأة طويلة - فناداها عمر : ألا قد عرفناك يا سودة ، حرصاً على أن ينزل الحجاب ، فأنزل الله آية الحجاب . رواه البخاري ( 146 ) ومسلم ( 2170 ) .
3. عن ابن شهاب أن أنسا قال : أنا أعلم الناس بالحجاب كان أبي بن كعب يسألني عنه : أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عروساً بزينب بنت جحش وكان تزوجها بالمدينة فدعا الناس للطعام بعد ارتفاع النهار فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلس معه رجال بعد ما قام القوم حتى قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فمشى ومشيت معه حتى بلغ باب حجرة عائشة ثم ظن أنهم خرجوا فرجعت معه فإذا هم جلوس مكانهم فرجع ورجعت معه الثانية حتى بلغ باب حجرة عائشة فرجع ورجعت معه فإذا هم قد قاموا فضرب بيني وبينه سترا وأنزل الحجاب . رواه البخاري ( 5149 ) ومسلم ( 1428 ) .
4. عن عروة أن عائشة قالت : لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات في مروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد . رواه البخاري ( 365 ) ومسلم ( 645 ) .
5. وعن عائشة رضي الله عنها قالت : كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مُحْرِمات ، فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها ، فإذا جاوزونا كشفناه . رواه أبو داود ( 1833 ) وابن ماجه ( 2935 ) ، وصححه ابن خزيمة ( 4 / 203 ) . وصححه الألباني في كتاب جلباب المرأة المسلمة .
6. وعن أسماء بنت أبى بكر رضي الله عنهما قالت : كنا نُغطِّي وجوهنا من الرجال ، وكنَّا نمتشط قبل ذلك في الإحرام . رواه ابن خزيمة ( 4 / 203 ) ، والحاكم ( 1 / 624 ) وصححه ووافقه الذهبي . وصححه الألباني في كتاب جلباب المرأة المسلمة
7. وعن عاصم الأحول قال : كنا ندخل على حفصة بنت سيرين وقد جعلت الجلباب هكذا : وتنقبت به ، فنقول لها : رَحِمَكِ الله قال الله تعالى : ( وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاَّتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ) ، قال : فتقول لنا : أي شئ بعد ذلك ؟ فنقول : ( وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ ) فتقول : هو إثبات الحجاب . رواه البيهقي ( 7 / 93 ) .
المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب (اضغط هنا).
للإستزادة راجع (اضغط هنا) (اضغط هنا) (اضغط هنا).
.



ثانياً: هل غير المحجبة صيامها لا يصح؟


جاء في موقع الإسلام سؤال وجواب
إذا تركت المرأة الحجاب ، فهي عاصية لربها بذلك ، لكنّ صومها صحيح ؛ لأن المعاصي ، ومنها ترك الحجاب لا تفسد الصوم ، غير أنها تنقص ثوابه ، وقد تضيعه بالكلية .
والذي ندعوك إليه هو الالتزام بالحجاب ، مع الصيام ، فإنه ليس المقصود من الصيام هو مجرد الامتناع عن الطعام والشراب ، وإنما المقصود هو الصيام عن المحرمات ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : (ليس الصيام من الأكل والشرب ، إنما الصيام من اللغو والرفث) رواه الحاكم وصححه الألباني في صحيح الجامع (5376) .
واللغو هو الكلام الباطل . وقيل : ما لا فائدة فيه .
والرفث : الكلام البذيء .
فليكن صومك دافعاً لك إلى طاعة الله تعالى ، والبعد عما نهى عنه .
نسأل الله تعالى أن يوفقك إلى ما يحب ويرضى .
والله أعلم
للمصدر (اضغط هنا).
.

وجاء في دروس للشيخ أسامة سليمان
حكم صيام المتبرجة والسافرة
السؤال
بعض أهل المعاصي يقولون: إن الصيام يكتب أجره حتى ولو كانت الفتاة عارية، والشاب يصوم وهو يخطب هذه ويكون هذه نقرة وهذه نقرة؟
الجواب
المرأة التي تخرج عارية تحارب الله ورسوله وتدعو إلى الفاحشة صيامها صحيح، لكن إثمها أعظم من أجر صيامها، فصيامها حابط لا وزن له ولا أجر له ولا قيمة له؛ لأنها فعلت حسنة وفعلت في مقابلها سيئات، والله تعالى أعلم.
.


ثالثاً: الرد على قول غير المحجبة: أنا مش مقتنعة بالحجاب!


قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].
الحجابُ ليس مُرتبطًا بالقناعات الشخصية أو الراحة النفسية؛ إنما هو فرضٌ فَرَضه اللهُ على نساء المسلمين كافَّة مِن فوق سبعِ سمواتٍ، وألزمهن به غيرَ مشروطٍ بقناعاتهن أو ميولهن؛ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 59].
"في هذه الآية - التي تسمَّى آية الحجاب، أمر الله نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - أن يأمر النساء عمومًا، ويبدأ بزوجاته وبناته؛ لأنهن آكدُ مِن غيرهن، ولأن الآمر لغيره ينبغي أن يبدأ بأهله قبل غيرهم؛ كما قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ﴾ [التحريم: 6]، فأمرهن أن ﴿ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ﴾، وهي التي تكون فوق الثياب مِن ملحفة وخمار ورِدَاء ونحوه؛ أي: يُغَطِّين بها وجوهَهن وصدورَهن.
ثم ذكر حكمةَ ذلك؛ فقال: ﴿ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ﴾، فدلَّ على وجود أذيةٍ إن لم يحتجبْنَ؛ وذلك لأنهن إذا لم يحتجبن ربما ظُنَّ أنهن غيرُ عفيفات، فيتعرَّض لهن مَن في قلبه مرضٌ، فيؤذيهن، وربما استهين بهن..."؛ انتهى بتصرف من تفسير السعدي.
.
ونتسائل لماذا لم تقتنع السائلة بالحجاب؟ أليس فيه صون للمرأة وهو عون لها على العفة والالتزام وحماية لها عن نظر الفجار، إضافة إلى ما فيه من سد باب الفتنة والشر والانقياد لأمر الله تعالى والخضوع له. ولا يكمل الإيمان إلا بذلك، قال الله تعالى: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرّجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا {النساء:65}.
وليس في الحجاب تقييد لحرية المرأة فهو لا يمنعها من التصرف في شؤونها وإنما هو صون لكرامتها وسد لباب الشهوات والمفاسد.
وإن أصرت السائلة على ترك الحجاب فهي آثمة وتعتبر على خطر عظيم إن لم يمن الله تعالى عليها بالتوبة الصادقة. ولا يمكن الحكم عليها بدخول جهنم أو بعدمه لأن ذلك لا يثبت إلا بنص صحيح من كتاب أو سنة ولا مجال للرأي فيه، ولكن العاقل هو الذي يحتاط لنفسه باتباع أمر ربه واجتناب نهيه، ولا شك أن ذلك أقرب لنجاته.
.
قالت الأولى: أنا لم أقتنع بعد بالحجاب. نسألها سؤالين: الأول: هل هي مقتنعة أصلا بصحة دين الإسلام؟ إجابتها بالطبع نعم مقتنعة؟ فهي تقول: "لا إله إلا الله"، ويعتبر هذا اقتناعها بالعقيدة، وهي تقول: "محمد رسول الله"، ويعتبر هذا اقتناعها بالشريعة، فهي مقتنعة بالإسلام عقيدة وشريعة ومنهجًا للحياة. الثاني: هل الحجاب من شريعة الإسلام وواجباته؟ لو أخلصت هذه الأخت وبحثت في الأمر بحث من يريد الحقيقة لقالت: نعم. فالله سبحانه وتعالى الذي تؤمن بألوهيته أمر بالحجاب في كتابه، والرسول الكريم الذي تؤمن برسالته أمر بالحجاب في سنته.
.


رابعاً: القول فيمن ترتدي الحجاب في رمضان فقط.


جاء في موقع إسلام ويب
ما حكم المرأة التى ترتدي الحجاب أثناء شهر رمضان فقط ؟ مطلوب رأي الشرع في هذا .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم ..... وبعد: المرأة مطالبة شرعاً بارتداء الحجاب في جميع شهور السنة ومطالبتها بذلك يستوي فيها رمضان وغيره، وتركها الحجاب ذنب عظيم وهو في رمضان أعظم، وينبغي أن تعلم أن معاودة لبس الحجاب في رمضان توبة ومن شروط قبول التوبة عدم وجود إصرار مسبق على معاودة المعصية فإذا كانت لبسته في رمضان وهي تصر على نزعه بعده. فقد فقدت توبتها شرطاً من شروط قبولها، فإذا أرادت المرأة أن تتخلص مما مضى منها من تبرج وسفور فعليها أن تعاود الحجاب معاودة غير مصحوبة بأي إصرار على التخلص منه لاحقاً. والله تعالى أعلم.
للمصدر (اضغط هنا).
.




خامساً: الرد على كلام المرأة المتبرجة بخصوص آية سورة الأحزاب.


جاء في «فتاوى واستشارات الإسلام اليوم» (12/ 216)
حجاب الحرة والأمة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 11/7/1423هـ
السؤال
في مساجلة مع أحد المشككين في حجاب المرأة وأنه فرض من الله -سبحانه وتعالى-، أرجع فرضه إلى التمييز بين الحرائر والإماء، واستدل من ذلك على أنه حيث لا توجد الآن إماء فلا داعي للحجاب وإرسال الجلابيب.
كان ردي عليه عبر الإنترنت الآتي: أن المرجع في حالة التنازع كما وجهنا الإسلام هو إلى الله -سبحانه وتعالى- ورسوله - عليه الصلاة والسلام - فقط، "وإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ... " ولا توجد آية واحدة أو حديث واحد من قول الرسول -عليه الصلاة والسلام- يربط الحجاب بالحرائر والإماء، والآية لم تفرق بين الحرائر والإماء، فهل من المعقول أن يكون هناك تمييز لتعرف الحرائر فلا يؤذين وتعرف الإماء فيؤذين؟ وهل هي دعوة للمنافقين ليفعلوا بالإماء ما يشاؤون؟ وهل هذه هي روح الإسلام ومفاهيمه؟ إذا كان هناك من فهم هذا فهو شيء خاص به، وليس حجة على الإسلام.
أما موضوع فلا يؤذين، فقد أشرت إلى بقية الآيات التالية، وهي واضحة أنه قد صارت دولة لها كيانها في المدينة لها تشريعاتها وقوانينها الرادعة لحماية نسائها سواء كن حرائر أم إماء، من المنافقين والذين في قلوبهم مرض والمرجفين:"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً*لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلاً*مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً"، غير أني صعقت حينما أخذت أقلب في التفاسير وفي بعض الأحاديث، حيث وجدت إصراراً على ذكر هذا المعنى الذي لم ينطق به الرسول -عليه الصلاة والسلام-، ولا يوجد حديث واحد من قوله -عليه الصلاة والسلام-، والأحاديث الموجودة هي فهم من الصحابة، فهل من المعقول أن تميز الإماء وهن من نساء المؤمنين ليكن عرضة للإيذاء؟ والله أنا في أشد الحيرة من أمري، أفيدوني، جزاكم الله خيراً.
الجواب
أعانك الله على مجاهدة أعدائه، وثبتنا وإياك على طاعته، وزادنا وإياك بصيرةً في دينه.
ليس صحيحاً أن علّة إيجاب الحجاب هي لأجل التفريق بين الحرة والأمة، ولكن يمكن اعتبار هذا التفريق الحاصل بين الحرائر والإماء فائدة من فوائد الحجاب، فإن الحجاب مختص بالحرائر دون الإماء.
وإنما علة إيجاب الحجاب هو خشية أن يفتتن الرجال بهن ودرءاً لذرائع الفاحشة، ويدل لذلك الأمور التالية:
أولاً: يدل لهذا قوله -تعالى-:"وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب" [الأحزاب: 53] ، ثم قال:- تعليلاً لهذا الأمر-:"ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن" [الأحزاب: 53] .
ثانياً: كما يدل على أن علة إيجاب الحجاب هو هذا أمرُه -سبحانه- للمؤمنين أن "يغضوا من أبصارهم" [النور: 30] وأمرُه للنساء بقوله:"وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن، ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ... " [النور: 31] ثم قال:"ولا يضربن بأرجلهن ليُعلم ما يخفين من زينتهن" [النور: 31] ، فإذا نُهيت المرأة عن ضرب رجلها لئلا يُعلم ما تخفي من زينتها، فكيف يسوغ لها أن تبدي مفاتنها مما أمر بستره عن الرجال؟
ثالثاً: ترخيصه عز وجل للقواعد من النساء أن يضعن ثيابهن، كما في قوله -تعالى-:"والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة" [النور: 60] .
والمقصود بالثياب التي رخص الله لهن أن يضعنها الجلباب والرداء، كما فسّر ذلك ابن عباس وابن عمر ومجاهد وابن جبير والنخعي والحسن البصري وقتادة والزهري والأوزاعي وغيرهم، فدل على أن غير العجائز مأمورات بالحجاب؛ لتحقق الفتنة بهن.
ثم لو كان الحجاب لأجل التمييز بين الحرة والأمة فحسب، فما معنى أن يُرخَّص للعجائز أن يضعن ثيابهن؟
رابعاً: إجماع الأمة من لدن عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى يومنا هذا على أن الحجاب واجب على كل بالغة من النساء الحرائر، ولم ينقل عن أحدٍ القول بأن العلة هي تمييز الحرة من الأمة.
خامساً: أن الأَمَةَ إذا خيفت الفتنة بها كان عليها أن تحتجب كالحرة، لأنه تتحقق من عدم احتجابها المفسدة ذاتها التي خافها الشرع من تكشّف الحرائر؛ فإذا استُثنيت القواعد من النساء من وجوب الحجاب لزوال المفسدة الموجودة في غيرهن، فمن باب أولى أن تستثنى بعض الإماء من الترخيص بإباحة كشف الرأس والوجه واليدين إلى إيجاب الحجاب عليها درءاً للفتنة بذلك.
سادساً: الذي يظهر أن المقصود بقوله -تعالى-:"ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يؤذين" [الأحزاب: 59] أي يُعرفن بالعفة والحياء والحشمة والستر؛ فلا يطمع فيهن من في قلبه مرض، بخلاف السافرات المتبرجات المتبذِّلات، وهذا ما يشهد له الواقع، فإن المرأة إذا خرجت متسترة متحجبة الحجاب الشرعي الكامل ولم تصدر منها حركة ريبة كانت في مأمنٍ -غالباً- من أذية ومضايقة أهل الأهواء والشهوات، إما إذا خرجت متبرجة متزينة -ولو لم تقصد بذلك الفاحشة أو إغواء الرجال- فإنها تكون عُرضةً لأذية ومضايقة أصحاب القلوب المريضة، ويكون طمعهم فيها أشد، ورجاؤهم في استجابتها لهم أقوى وأقرب، والله المستعان.
.

وقال الإمام ابن حزم في "المحلى" "3/ 218 - 219"
"وأما الفرق بين الحرة والأمة : فدين الله واحد ، والخلقة والطبيعة واحدة ؛ كل ذلك في الحرائر والإماء سواء ، حتى يأتي نص في الفرق بينهم في شيء ، فيوقف عنده".
قال:
"وقد ذهب بعض من وهل في قول الله تعالى: ( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ ) ؛ إلى أنه إنما أمر الله تعالى بذلك ؛ لأن الفساق كانوا يتعرضون للنساء للفسق، فأمر الحرائر بأن يلبسن الجلابيب ليعرف الفساق أنهن حرائر فلا يتعرضوهن " .
ونحن نبرأ من هذا التفسير الفاسد ، الذي هو إما زلة عالم ، أو وهلة فاضل عاقل ، أو افتراء كاذب فاسق؛ لأن فيه أن الله تعالى أطلق الفساق على أعراض إماء المسلمين ، وهذه مصيبة الأبد، وما اختلف اثنان من أهل الإسلام في أن تحريم الزنا بالحرة كتحريمه بالأمة ، وأن الحد على الزاني بالحرة ، كالحد على الزاني بالأمة ، ولا فرق . وأن تعرض الحرة في التحريم ، كتعرض الأمة ولا فرق ، ولهذا وشبهه : وجب أن لا يقبل قول أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بأن يسنده إليه عليه السلام .." انتهى من "كتاب المرأة المسلمة" (90-94) .
.
للإستزادة (اضغط هنا) (اضغط هنا).
.



سادساً: القول الفصل في قول (الحجاب في القلب).


بداية نقول: لو طهر القلب لاستقامت الجوارح فقد قال صلى الله عليه وسلم: "أَلاَ وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً: إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وَهِيَ القَلْبُ ". [رواه البخاري (52)، ومسلم (1599)].
.

جاء في كتاب "الحجاب شريعة الله في الإسلام واليهودية والنصرانية" للدكتور سامي عامري ص49-60

يردّد المبغضون للحجاب من العالمانيين والمنصّرين أنّ الحجاب الحقيقي هو (حجاب القلب), وليس هو (مجرّد) قطعة قماش (تلقى) على الرأس!
الجواب:
هذه الشبهة سائرة على كثير من الألسن, ولا يخفى عل منصف بطلانها, بل وتناقضها الشنيع .. والردّ من أوجه:

أولًا/ إنّ الإسلام يقود المرأة إلى أن تعلم أنّها ليست مجرّد (أداة للمتعة) بل هي (إنسان) موفور الاعتبار الأدبي, والحظ الإنساني في الاحترام .. وإنّ المسلمة العاقلة تعلم أنّ مَن يلحّ عليها أن تنزع حجابها بدعوى الحريّة؛ إنّما هو يريد أن يتلصّص بعينيه الآثمتين على لحمها المغطّى, وأنّ رغبته في تجريدها من ستر العفّة ولباس الحشمة, لم تنبع إلاّ من حرصه على التنفيس عن الشهوة المتأججة في صدره, وإن كان يُلبس دعواه ثوب النصح والرغبة في (تحرير) المرأة من الظلم والقهر!!!!
إنّ الذي يدعو المرأة إلى السفور, لا يراها في الحقيقة في غير مقام الصاحبة والعشيقة.. أمّا ذاك الذي يدعوها إلى الستر؛ فليست هي في ذهنه إلاّ أمًا أو أختًا أو ابنة .. جزء من كيانه, وقطعة من روحه.. لا يرى نفسه إلا نصيرًا لها, يؤذيه أن تُعامل كدمية ملوّنة جوفاء؛ يلهو بها اللاهون, ثمّ يلقون بها إلى سلّة المهملات إذا ذهبت ألوانها بعوامل الزمن القاسي!!

ثانيا/ إنّ الحجاب ليس قطعة قماش تضعها المرأة على رأسها, وإنما هو غطاء مسبل, ونهج في الكلام والمعاملة والإحساس متقن .. إنّه منظومة عقدية وسلوكيّة وشعورية .. وإنّ الظنّ أنّه (مجرّد) قطعة قماش تستر بها المرأة شعرات من رأسها؛ لهو قصور في تصوّر هذه الشريعة وأبعادها وأهدافها!!!

ثالثا/ يبدو أنّ الذي يتحدّث عن الحجاب وأنّه مجرّد قشرة, وأنّ الحجاب الممثّل للعفّة هو في القلب فقط, يؤمن أنّ طهر الباطن لا يلزم أن يلتقي مع طهر الظاهر .. أمّا نحن فنرى أنّ طهر الظاهر لا بدّ أن يقترن بطهر الباطن؛ فهما متلازمان لا يفترقان, متّصلان لا ينفصمان.. فإذا غطت المرأة رأسها, ولم تصلح باطنها؛ فإنّها ليست في الإسلام بذات دين, وإنما هي منافقة تخادع الناس وتخدع نفسها قبل ذلك!!
إنّ العفّة, ليست في القلب فقط, بل هي في القلب والجسد.. ولا يمكن أن تكون في القلب مع فساد الجوارج!!
أيستطيع المخالف أن يزعم أنّ الرجل قد يكون طاهر القلب, لكنّه لصّ يسرق وينهب, أو زان يعتدي على أعراض الناس, أو كذّاب يخادع من أمّنوه؟!!!
إن قال لا يلتقي طهر القلب مع فساد العمل؛ فكذلك نقول: لا تكون عفّة القلب مع كشف المرأة لما أمر الربّ سبحانه بتغطيته!
إنّ العفّة, نبتة عظيمة؛ أصلها وجذرها في القلب, وثمرتها بادية على الجوارح!!
وإنّ من فسد قلبها وغطّت جسدها, فإنّما هي تضع ثمارًا مزيّفة لم ترتوِ من نهر الطهر الجاري في قلبها!

رابعا/ إنّ المنصّر أمام ثلاثة حلول لا رابع لها:
1-لا يجتمع صلاح الباطن مع صلاح الظاهر.
2-صلاح الظاهر ليس شرطًا لصلاح الباطن.
3-صلاح الباطن شرط لصلاح الظاهر.

القول الأوّل يرفضه النصراني, ولا يقول به أشدّ الناس انحرافًا وفسادًا؛ إذ هو يعني أنّه لا بدّ أن تقع في الموبقات الأخلاقيّة؛ حتى تكون طاهر القلب من الخبائث!
القول الثاني لا يمكن أن يستقيم؛ لأنّه يشطر الكائن البشري إلى كيانين غير متمازجين ضرورة, وإنما قد يجتمعان وقد يفترقان.. فقد يكون الإنسان روحًا محلّقة في عالم الطهر, وجوارح غارقة في عالم الوحل ..!! وإذا كانت الروح لا تغادر الجسد, وكانت الأحاسيس مرتبطة بالأفكار, وكان الفعل ناتجًا عن فكر ورغبة؛ فإنّه يغدو من السذاجة تصوّر النفس الإنسانيّة على أنها حزمة مشتتة متفرقة من الأفكار والأشواق والحوافز والأعمال, وأنّها لا تلتقي؛ لأنّها كيانات متباعدة متنافرة!
ولم يبق عندها إلا القول الثالث؛ وهو قول المسلمين الذي يقرّر التلازم بين الظاهر والباطن, والعلاقة الديالكتيكيّة بين داخل الإنسان وظاهره, وأنّه من الخطأ المحض الظنّ أنّ الإنسان قد يعيش بقلبه في عالم وبجسده في آخر؛ إذ العقل والواقع ينفيان الزعم بإمكانيّة أن يكون قلب المرء قطعة من نور, وجسده متمرّغًا في حمأة الفساد؛ ومادام الأمر محالاً؛ فإنّه لا بدّ من ستر ما يثير عوامل الإثارة عند الرجال والنساء؛ من عري يكشف اللحم الحرام, وملابس ضيّقة تكشف تفاصيل القوام, مع تطهير القلب من المحفّزات للمعصية ودواعي الفتنة؛ باستحضار علم الله بالمظهر والمخبر, والسرّ وأخفى, وتذكير النفس بما أخبر به الوحي من ثواب على الإحسان, وعقاب على الإفساد............سابعا/ الغاية الأولى للحجاب, هي منع الرجل من الافتتان بالمرأة؛ وبالتالي فإنّ القول إنّ حجاب المرأة هو في القلب, يغدو بلا معنى؛ لأنّ الحجاب ليس مجرّد رمز بلا وظيفة, أو شكل بلا مضمون فاعل, وإنّما وظيفته تغطية مفاتن المرأة حتّى لا يتسلل الهوى الشيطاني إلى قلب الرجل, ويسوقه إلى الزنى وتوابعه.

ثامنا/ إن مّما ألفته الأذن في هذا السياق قول البعض إنّ من النساء من لا ترتدي الحجاب, لكن لا يستطيع أحد من الرجال أن ينال منها (شيئًا) .. وهذا قول من غرائب ما يطرق الأذن؛ إذ إنّ هذه المرأة التي تركت الحجاب قد قدّمت إلى الرجال الذي يتبعون أعينهم (لحوم النساء), ما أرادوا أصلاً!!! وهل الزنى (بمعناه المألوف) هو فقط المقصود!؟؟ إنّ الزنى كما أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم يكون بِالعَين أيضًا؛ فقد قال: ((والعينان تزنيان وزناهما النظر))[1] ..فكيف تكون من رفضت الحجاب لباسًا, قد منعت الرجال مما يريدون, وهي التي بذلت لهم ما فيه يرغبون!؟؟ وهل الملابس الضيقة إلاّ (أداة زنى!) .. وهل الملابس القصيرة إلاّ (أداة زنى)! .. وهل المساحيق الفاقعة, والروائح الفائحة, والتسريحات العاصفة, إلاّ من أسباب زنى العين؟!
ثمّ .. لماذا نفصل الأسباب عن مسبّباتها, والنهايات عن مقدماتها؟!!
هل الزنى والاغتصاب هو عمل عفوي يقفز إلى الذهن دون محرّكات أو دواع؟!!
ألا تعلم المعترضة أنّ البلاد التي تشيع فيها إباحية اللباس في الشارع والإعلام, هي أكثر البلاد التي تعاني حالات الاغتصاب, رغم صرامة القوانين الزاجرة التي أنزلها المشرعون على من أتى هذا الفعل؟!!
ألا تدري المعترضة أنّ البلاد التي التزمت عامة نسائها بالحجاب, هي أقلّ البلاد من ناحية نِسب الاغتصاب؟!!
ألم تقرأ المعترضة أنّ الدول التي كانت تحكم بالإسلام منذ قيام دولة الإسلام في المدينة المنوّرة إلى سقوط دولة الخلافة, كانت لا تكاد تعرف جرائم الاغتصاب!!؟
وهل الاغتصاب إلاّ فعل نفس احتقنت الشهوة فيها بفعل الضخ الإباحي في لباس النساء, وملصقات الشوارع, ومرئيات التلفاز ..؟!!

إنّ النظرة بريد الزنى .. والشاعر يقول:
كل الحوادث مبداها من النـظر *** ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها *** فتك السهـام بلا قوس ولا وتر
والمرء ما دام ذا عين يقلــبها *** في أعين الغيد موقوف على الخطر
يســرّ مقلته ما ضر مهـجته *** لا مـرحبًا بسرور عاد بالـضرر

وقال الاخر:
وكنت متى أرسلت طرفك رائـدًا *** لقلبك يومًا أتعبتـك المنـاظر
رأيت الذي لا كلـّه أنت قــادر***عليه ولا عن بعضه أنت صـابر

قال الإمام الربّاني ((ابن قيّم الجوزية)): ((أمر الله تعالى نبيه أن يأمر المؤمنين بغض أبصارهم وحفظ فروجهم، وأن يعلمهم أنه مشاهد لأعمالهم مطلع عليها: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُور}[2]، ولما كان مبدأ ذلك من قبل البصر؛ جعل الأمر بغضّه مقدمًا على حفظ الفرج، فإنّ كل الحوادث مبدؤها من النظر، كما أن معظم النار من مستصغر الشرر، تكون نظرة.. ثم خطرة.. ثم خطوة.. ثم خطيئة، ولهذا قيل: من حفظ هذه الأربعة أحرز دينه: اللحظات، والخطرات، واللفظات، والخطوات.))[3]
إنّه لا يمكننا هنا أن نتحدث بصورة غرّة عن (تحضّر) الرجل الذي يبصر بعينه دون أن تتحرّك كوامن شهوته؛ لأنّ ذلك من قبل الفصل التعسفي للسنن النفسيّة والعصبيّة في الرجل .. وليس معنى كلامي القول بجبريّة الانفعال الجنسي عند الرجال إلى درجة الوقوع في الزنى والاغتصاب, وإنما قصدي أنّ هذا الانفعال هو ردّ فعل عفوي في الجهاز العصبي للرجل, وليس له أن يمنعه من (التنفيس المؤذي) إلاّ بأن يصرّف شهوته في الموضع الحلال, أو أن يكبت دواعي الفتنة بلجام التقوى, وهو ما ليس بمتاح لكلّ الرجال؛ فأبواب الحلال قد غلّقت على البعض, وحبل التقوى قد تفلّت من البعض الآخر ..
وهنا لا بدّ من التأكيد على أنّ الاستثارة البصريّة عند الرجال –بدليل الواقع الذي لا يستريب فيه مبصر-, هي على درجة عالية من الحساسيّة, على خلاف المرأة التي لا تثيرها الأشكال بقدر ما تؤثّر فيها السلوكيات![4]
كما أنّ في (الرجل) نزوعًا إلى الرغبة في تجديد الاستثارة بتجديد الأشكال والمصادر التي تستهوي شهوته, على خلاف المرأة التي تنزع إلى العاطفة المستقرة في شكل ثابت من العلاقات[5]؛ وذاك ما يجعل اللباس الشرعي للمرأة حائلاً صلبًا دون إرواء هذه النهمة في صدور الرجال, ويحبسها في إطار العلاقات الشرعيّة بين الرجل وزوجته!
وأقول مع ذلك إنني لا أزعم أنّ من لم تحقق الستر المطلوب, فاقدة لكل خير. وإنما أقول إنها مقصّرة, لم تبلغ الصورة المرضيّة المطلوبة, والناس لا يدورون بين الحال الملائكيّة الطاهرة, والحال الشيطانيّة الفاسدة!! فبين هذه وتلك مراتب للمقتصد والظالم لنفسه!
تاسعا/ نقول للمنصّرين: إنّكم تعرضون الراهبات النصرانيّات المحجّبات في صورة التقيّات النقيّات, رغم انتشار السحاق بينهن كما هو مبثوث في مؤلفات الذين كتبوا عن الأديرة في الغرب[6] .. فلماذا لا تخبرون هؤلاء النسوة المتيقّن فساد أغلبهن أنّ الحجاب في القلب فقط .. أم أنّ هذا النصح (الأعور) لا ينفع إلاّ إذا وُجّه إلى المسلمات؟!!
إذا كنتم تحرّمون الحجاب عندنا.. فحرموه أولاً عندكم, واكشفوا رؤوس راهباتكم!
لماذا تظهرون دعوى انفصال الظاهر عن الباطن إذا تحدثتم عن المسلمات ووددتم أنّهن يخلعن الحجاب, في حين أنّكم تعلّمون نساءكم غير ذلك؛ فقد جاء في ((كتاب التعليم الديني للكنيسة الكاثوليكية)) ((Catechism of the Catholic Church))[7], تحت رقم (2521) : ((الطهارة تستوجب الحشمة.. الحشمة تحمي الباطن الخاص للمرء. ويعني ذلك رفض كشف ما لا بدّ أن يبقى مغطّى.)) ((Modesty requires modest… Modesty protects the intimate center of the person. It means refusing to unveil what should remain hidden.))[8]
وجاء تحت رقم (2522) عن الحشمة أنّها : ((تلهم المرء اختياره لملابسه.)) ((It inspires one’s choice of clothing)) [9]
وجاء تحت رقم (2523): ((هناك احتشام خاص بالمشاعر, كما أنّ هناك احتشامًا خاصًا بالجسد.)) ((There is a modesty of the feelings as well as of the body )) [10]
وجاء تحت رقم (2525) : ((الطهارة المسيحيّة تتطلّب تطهير المناخ الاجتماعي)) ((Christian purity requires a purification of the social climat e)).[11]
فكيف تقولون مع ذلك إنّ المرأة لها أن تلبس ما تشاء مادام القلب (نقيًا)..!! وأنّ الطهارة هي فقط في القلب؟!!
لقد ردّ ((ترتليان))- أحد أكبر أعلام آباء الكنيسة الأوائل- على هذه الشبهة, فقال في كتابه: ((حول زينة النساء)) ((De cultu feminarum)): ((بعض (النساء) قد يقلن: بالنسبة لي, ليس من الضروري أن يوافقني الرجال؛ لأنني لا أحتاج شهادة الرجال, ((الله هو مراقب القلوب)))).
وردّ هذا اللاهوتي بقوله: ((نحن نتذكّر أنّ نفس (الربّ) قد قال عبر رسوله: ((لتكن استقامتك ظاهرة أمام الناس.)) [12]. وأضاف أنّ الكتاب المقدّس قد كرّر مرارًا أنّ المطلوب من المؤمن هو أن يكون مصدر خير ونموذجًا يحتذى به, فإذا كان خيره لنفسه؛ فماذا سيستفيد منه العالم؛ وقال مستدلاً بالكتاب المقدّس: ((ماذا يعني: ((لتكن أعمالك مشعّة))[13]؟ لماذا, علاوة على ذلك, نادانا الربّ بـ((نور العالم)), لماذا شبّهنا بالمدينة المبنيّة على جبل[14]؛ إذا لم نكن مُشعّين في الظلمة وبارزين من بين الذين هم في القاع؟ إذا كنت تغطّي مصباحك تحت مكيال [15]؛ فإنّك قطعًا ستكون في الظلمة, وتواجه عداوة الكثيرين. الأعمال التي تجعلنا منيرين في هذا العالم هي هذه: أعمالنا الصالحة. ))[16]

***
إنّ إلزام المرأة بأنّ تغطّي عورتها ليس بدعًا إسلاميًا ولا سبقًا قرآنيًا .. بل ما عندنا هو نفسه ما جاء في أسفار أهل الكتاب!!
لم يأتِ القرآن بعد دعوات الأنبياء السابقين, ليخترع قصة (العفّة).. بل هي دعوة أعلنها أنبياء الله منذ ((آدم)) عليه السلام؛ لأنّ العفّة جزء من صميم البناء النفسي للإنسان السوي.. بل إنّ الحجاب لم يكن قاصرًا على الأمم التي فيها أثارة من رسالات الله إلى البشر, وإنما كان سائدًا حتى في الأمم التي لا تعمل بالشرائع السماوية؛ وكما يقول ((ألفن ج. شمت)): ((لمّا ظهرت المسيحيّة على الساحة, كان ستر المرأة بالحجاب واسع الانتشار في عدة ثقافات؛ وقد أظهر ((ألفرد إرميا)) في دراسته المميزة ((الحجاب من سومر إلى اليوم)) ((Der Schleier von Sumer Bis Heute)) أنّ النساء في زمن المسيح كنّ يرتدين الحجاب عند السومريين والآشوريين والبابليين والمصريين واليونانيين والعبرانيين والصينيين والرومان.))[17].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] أخرجه البخاري, كتاب الاستئذان, باب زنى الجوارح دون الفرج، حديث (6243)، ومسلم, كتاب القدر, باب قدر على ابن آدم … حديث (2657).
[2] سورة غافر/ الآية (19)
[3] ابن القيم, الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي, بيروت: دار الكتب العلميّة, ص 105-106
[4] بعد أن صَدرت أعداد مجلّة خلاعيّة اسمها ((playgirl)) تعرض صورًا (لرجال) في مواقف إثارة جنسيّة, أجرت صحيفة ((New York Post)) مقابلات مع النساء, وكانت النتيجة أن أربع نساء من خمس قلن إنّ الصور الخليعة المعروضة للرجال في هذه المجلة غير مثيرة جنسيًّا بالنسبة لهن. ( ‘Are pictures of naked men sexy?’: New York Post woman-on-the-street interview, December 29, 1997 (Quoted by, Wendy Shalit, op. cit., p.116)
[5] جاء في استفتاء أجري سنة 1994م أنّ الرجال في أمريكا –حيث لا يوجد أي مانع أخلاقي من أن يزني غير المتزوج- يفكّرون في إنشاء علاقات جنسيّة مع ست نساء في السنة القادمة وثماني نساء في غضون السنتين القادمتين, في حين أجاب النساء –في أمريكا الليبراليّة نفسها- في ذات الاستفتاء أنّهن يفكّّرن في إنشاء علاقة جنسيّة مع رجل واحد في السنة التالية, وهو نفس الرجل في السنة التي تليها! (انظر؛ Wendy Shalit, op. cit., pp. 90-91)
[6] ذكرت جوديث س. براونJudith C. Brown في كتابها: ((عمل غير شريف: حياة راهبة سحاقية في إيطاليا عصر النهضة)) (( Immodest Acts: the Life of a Lesbian Nun in Renaissance Italy)) ص 5 أنّ اتهام الراهبات بالشذوذ الجنسي هو أمر ذائع على ألسنة البروتستانت والكاثوليك المنفتحين!
لمن أراد التعرّف على ظاهرة الشذوذ الجنسي في الأديرة النصرانيّة:
Boswell, John, Christianity, Social tolerance, and Homosexuality: Gay People in Western Europe from the Beginning of the Christian Era to the Fourteenth Century , Chicago: University of Chicago Press, 1980
وهو كتاب فيه نقل لأشعار ونصوص مترجمة لرهبان وراهبات شاذين جنسياً في بداية العصور الوسطى!!!
من الكتب الأخرى أيضاً:
o Boswell, John, “Homosexuality and Religious Life: A Historical Approach“, in Homosexuality in the Priesthood and the Religious Life, ed. Jeannine Gramick, NY: Crossroad, 1989″

o Brown, Judith, Immodest Acts: The Life of a Lesbian Nun in Renaissance Italy (Studies in the History of Sexuality), New York: Oxford University Press, 1986
o Brundage, James A., Law, Sex and Christian Society in Medieval Europe, Chicago: University of Chicago Press, 1987
o Bullough, Vern and James Brundage, Sexual Practices and the Medieval Church, Buffalo, New York; Prometheus, 1982
o Jordan, Mark, The Invention of Sodomy in Christian Theology (Chicago Series on Sexuality, History and Society), Chicago; University of Chicago Press, 1997
o McGuire, Brian P., Brother and Lover: Aelred of Rievaulx, New York: Crossroad, 1994
o Russel, Kenneth C., “Aelred, the Gay Abbot Rievaulx”, Studia Mystica, 5(4), 1982
[7] The Catechism of the Catholic Church : تعني عبارة ((Catechism)): ((خلاصة مبادئ, تعرض في الأغلب على شكل سؤال وجواب.)) والعنوان بأكمله هو اسم لكتاب يعتبر شرحًا رسميًّا لتعاليم كنيسة الروم الكاثوليك.
[8] Catechism of the Catholic Church , D.C.: USCCB Publishing, 2000, 2nd edition, p. 604
[9] المصدر السابق
[10] المصدر السابق
[11] المصدر السابق, ص 605
[12] انظر؛ فيلبي 4/5, 8, روما 12/17, 2كورنثوس 8/21
[13] انظر؛ متّى 5/16
[14] انظر؛ متّى 5/14
[15] انظر؛ متّى 5/15, مرقس 4/21, لوقا 8/16, 11/33
[16] Tertullian, ‘On the Apparel of Women,’ in The Ante-Nicene Fathers, New York: Charles Scribner’s Sons, 1907, 4/25
[17] Alvin J. Schmidt, Veiled and Silenced, How Culture Shaped Sexist Theology, Geogia: Mercer University Press, 1990., p.112
.



سابعاً: بيان قوله أن هناك محجبات تقع في الذنوب والمعاصي.


جاء في دروس : "نحو أسرة مسلمة" للشيخ أحمد شريف النعسان

هل طهارة القلب تغني عن الحجاب؟
أيها الإخوة: هناك بعض النساء التي تبرِّر لنفسها مسألة التبرُّج، والمصافحة والاختلاط بطهارة القلب، فإذا كان القلب طاهراً فلا يضر صاحبَه شيءٌ، وربما يستندون في ذلك إلى قوله تعالى: {يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُون * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيم}. وإلى قوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ) رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
هذه الحجة الأولى التي تتذرَّع بها بعض النساء عندما تبرِّر لنفسها مسألة التبرُّج أو الاختلاط أو المصافحة، حجة واهية مدحوضة، وهي من تزيين الشيطان، وقلَّةِ علم المرأة وعدمِ تفقهها في الدين، وهذه مشكلة أكثر النساء.

الردُّ على هذه الحجة الواهية:
أولاً: إن الله تعالى من أسمائه وصفاته العدل، فهل يُسَوِّي ربنا عز وجل بين الطائع والعاصي؟ أم هل يُسَوِّي ربنا عز وجل بين المقصِّر المسيء وبين العامل المحسن؟
قال تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّار}. وقال تبارك وتعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِين * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُون}. وقال تعالى: {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لاَّ يَسْتَوُون}. وقال: {لاَ يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُون}. وقد ذكرنا قبل قليل النساء الكاسيات العاريات لا يجدن ريح الجنة.
فهل من العدل أن يُسَوِّي ربنا عز وجل بين المتحجِّبة والمتبرِّجة؟ معاذ الله تعالى، لأن الثانية بتبرُّجها تفسد في الأرض ولا تصلح، وتحرِّك الشهوات وتفسد العباد والبلاد.
ثانياً: إن صلاح الباطن سبب لصلاح الظاهر، وهذا أمر مسلَّم فيه لا يختلف فيه اثنان، فمن صلحت سريرته صلحت علانيته، ومن فسدت سريرته فسدت علانيته، ويؤكد هذا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (أَلا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ) رواه مسلم عن النعمان بن بشير رضي الله عنه.
وهذا ما أكَّده النبي صلى الله عليه وسلم في بداية دعوته لقومه، حيث كان صلى الله عليه وسلم يركِّز على صلاح الباطن من خلال ترسيخ العقيدة في نفوسهم، وبالعقيدة تطهَّرَت سرائرهم، وعندما تَطهَّرت سرائرهم استجابوا لأوامر الله تعالى الظاهرة والباطنة، ولم يقتصروا على صلاح السريرة والباطن.
ثالثاً: إن رحمة الله تعالى لا ينالها إلا من تحقَّقت فيه شروط أربعة، قال تعالى: {قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُون * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ}.

الشرط الأول: التقوى لله، والتقوى هي تحليل الحلال وتحريم الحرام، وأن يجعل بينه وبين غضب الله وقاية بفعل الطاعات وترك المعاصي والمنكرات.
الشرط الثاني: إيتاء الزكاة.
الشرط الثالث: الإيمان بآيات الله تعالى، وخاصة آيات الأحكام، فالحلال ما أحلَّه الله، والحرام ما حرَّمه الله تعالى.
الشرط الرابع: اتباع النبي صلى الله عليه وسلم.

وأقول لكل امرأة مسلمة: أما أمر النبي صلى الله عليه وسلم نساءه وبناتهِ ونساءَ المؤمنين بالحجاب؟
فالرحمة تُنالُ يوم القيامة بالتقوى والعمل الصالح والاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم، ولا تُنالُ فقط بسلامة القلب مع مخالفة أوامر الله عز وجل في الجوارح الظاهرة.
رابعاً: الآثامُ ظاهرةٌ وباطنةٌ، كما قال تعالى: {وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُواْ يَقْتَرِفُون}. فالله توعَّد كلَّ من ارتكب الآثام إن كانت ظاهرةٌ وإن كانت باطنةٌ بالعذاب يوم القيامة، أليس التبرُّج من الآثام الظاهرة؟ فمن أين جاءت هذه الحجة الواهية بأنَّ المعوَّل عليه سلامة الباطن؟
خامساً: لو كانت النجاة يوم القيامة متوقِّفةً فقط على إيمان الباطن مع مخالفة الأوامر الشرعية في الظاهر لكان إبليس من الناجين يوم القيامة، لأنَّ إبليس مؤمن بأنَّ الله هو الخالق له ولغيره، قال تعالى على لسانه: {خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِين}. ومؤمن بصفات الله تعالى التي من جملتها العزة، ومؤمن باسم الله العزيز، والعزيز هو الغالب وليس بمغلوب، مؤمن بذلك بدليل قول الله تعالى عنه: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِين * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِين}. ومؤمن كذلك بيوم القيامة بدليل قول الله تعالى عنه: {قَالَ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُون}.
ولكن ما السبب أن الله تعالى كتب عليه اللعنة وحرَّم عليه الجنة كما قال الله تعالى عنه: {قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيم * وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّين
السبب أنه أبى الانقياد والامتثال لأوامر الله تعالى، وبرر إباءه، وأصر على ذلك والعياذ بالله تعالى، قال تعالى عنه: {قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَأٍ مَّسْنُون}.
لذلك أقول لكلِّ واحد فينا، ولكلِّ امرأة مؤمنة بالله واليوم الآخر: بأن الإيمان بالله تعالى وصفاته لا يكفي للنجاة يوم القيامة إذا كان التبرير قائماً لكلِّ المخالفات، أما من آمن بالله تعالى وآمن بيوم القيامة، وآمن بآيات الأحكام، وآمن بأنَّ الحلال ما أحلَّه الله والحرام ما حرَّمه الله، هذا العبد كلما وقع في ذنب لا يبرِّر خطأه ولا يتأوَّل معصيته، بل يندم ويتوب ويستغفر، فهذا العبد إلى رحمة الله تعالى أقرب ممن سلك مسلك الشيطان حيث برَّر وأصرَّ وعاند والعياذ بالله تعالى.
سادساً: أقول لهذه المرأة التي تبرِّر تبرُّجها ورفضها للحجاب بحجة سلامة القلب، إذا كان العلاج مرتبطاً بسلامة وطهارة القلب فلماذا لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين بالنساء والمتشبهات بالرجال، جاء في الحديث عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَنَّهُ لَعَنَ الْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ، وَالْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ) رواه أبو داود عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه؟
ولماذا لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواشمة والواصلة والنامصة حيث جاء في الحديث الشريف: (لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ) رواه مسلم؟
إذا كانت سلامة الآخرة متوقِّفةٌ على سلامة القلب، فلماذا لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء؟ مع أن هؤلاء جميعاً يدَّعون سلامة الباطن؟
هذه الحجة في الحقيقة من تزيين الشيطان وبسبب جهل المرأة بدين الله تعالى، وبسبب جهلها في كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
خاتمة نسأل الله تعالى حسنها:
أيها الإخوة الكرام: أقول لكلِّ أخت تبرِّر تقصيرها في الحجاب بهذه الحجة الواهية، ألا وهي (المُعوَّل عليه سلامة القلب): إذا كان المُعوَّل عليه سلامة القلب فقط فلمن قول الله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى}؟
إذا كان المعوَّل عليه سلامة القلب فلمن قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: الْحَمْوُ الْمَوْتُ) رواه مسلم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه؟
إذا كان المُعوَّل عليه سلامة القلب فلمن قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لأَنْ يُطْعَنَ فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لا تَحِلُّ لَهُ) رواه الطبراني عن معقل بن يسار رضي الله عنه؟
إذا كانت المؤمنة بالله تعالى تقول: المعوَّل عليه سلامة القلب، وتخرج بعد ذلك سافرةً متبرِّجة كاسيةً عارية ولا تلتفت لأوامر الله، فهل غير المؤمنة ستتحجب؟
غير المؤمنة سلكت مسلك الأحرار، مسلك الذين لا يؤمنون بالله رباً ولا بالإسلام ديناً، ولا بيوم القيامة مآلاً ومرجعاً، فخرجت كاسيةً عارية، لأنها تعتقد أنها حرَّة وليست أمَةً لله عز وجل.
فإذا خرجت الكافرة كاسيةً عارية لأنها حرَّة لا ترتبط بدين ولا بعقيدة، ولا تفكِّر بسلامة قلب ولا بسلامة ظاهر، وخرجت المؤمنة ـ لا قدَّر الله ـ كذلك كاسية عارية لأنها تعتقد أن سلامتها يوم القيامة بسلامة قلبها، ولا علاقة لظاهرها بذلك، فلمن نزلت آيات الحجابِ والقرارِ في البيوت وعدمِ التبرُّج؟
نسأل الله تعالى أن يخرجنا من غفلتنا ويلهمنا رشدنا. آمين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. سبحان ربك رب العزة عمَّا يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
.

وجاء في كتاب "الحجاب شريعة الله في الإسلام واليهودية والنصرانية" للدكتور سامي عامري ص53،52

خامسا/ لماذا تكون المرأة المحجّبة التي تعصي ربّها في الخلوات, حجّة على الحجاب؟!!
إنّ الحجاب هو دليل ظاهر على العفّة إن لم يخالطه فعل قبيح نراه بأعيننا .. أمّا الباطن وحقيقة القلوب فلا يعلمهما إلا الله جلّ وعلا .. وهو نفس قول النصارى في الراهبات مثلاً؛ إذ هم يرون الرهبنة دليلاً ظاهريًا على العفّة, وليس هناك من سبيل لمعرفة باطن الراهبات غير النظر في أعمالهن..
إنّ من عُلِم أنّها ترتدي الحجاب, لكنّها تأتي أبواب الفساد؛ فتلك منافقة ذات وجهين, وليس العيب في لباسها, وإنما في أنها لم تلتزم بقية الأحكام التي ترتبط بالحجاب ارتباطًا عضويًا لازمًا ..
إنّ العيب الذي يطال من ترتدي الحجاب وتأتي أبواب الفساد, هو نفس العيب الذي يطال من يؤدّي الصلاة ولا ينتهي عن كثير من أبواب الحرام! فلماذا يعاير الحجاب إذا وُجدت (محجّبة) تحتال على الشرع, ولا تعاير الصلاة إذا وجد (مُصَلٍّ) غير ملتزم بعامة تعاليم دينه؟!!
سادسا/ إنّ قضية المسلمة هي أنّ الحجاب سبيل إلى العفّة, فلا تشغل نفسها بالنظر إليه على أنّه دليل على العفّة .. إنّ غايتها هي أن تمنع بفعلها أسباب الفتنة ودواعيها, لا أن تبحث من خلال لباسها عمّن يقول عنها إنّها عفيفة ..!
.



ثامناً: هل يوجد حجاب للمرأة في المسيحية؟


لو تكلمنا من داخل الكتاب المقدس فالكلام في هذه الجزئية يطول شرحه، فانا لديَّ عشرات الأدلة من الكتاب المقدس على أهمية الحجاب ومكانته، وذلك بالمقارنة بين المخطوطات والترجمات المختلفة وأيضاً أقوال الآباء والمفسرين... ما علينا، أنا دائماً أحب المختصر المفيد (وإن كان في بعض الأحيان لابد من التفصيل إن لزم الأمر).

جاء في كتاب
الرد على برنامج "صوماً مقبولاً" للمدعو أندرو حبيب - الرد على الحلقة السادسة بعنوان "حجاب وحشمة لزوم رمضان"

ولمعرفة أهمية الدسقولية (تعاليم الرسل) اقرأ ما جاء في المقدمة
الرد على برنامج "صوماً مقبولاً" للمدعو أندرو حبيب - الرد على الحلقة السادسة بعنوان "حجاب وحشمة لزوم رمضان"

اقرأ يا أندرو وتعلم
الرد على برنامج "صوماً مقبولاً" للمدعو أندرو حبيب - الرد على الحلقة السادسة بعنوان "حجاب وحشمة لزوم رمضان"
الرد على برنامج "صوماً مقبولاً" للمدعو أندرو حبيب - الرد على الحلقة السادسة بعنوان "حجاب وحشمة لزوم رمضان"
الرد على برنامج "صوماً مقبولاً" للمدعو أندرو حبيب - الرد على الحلقة السادسة بعنوان "حجاب وحشمة لزوم رمضان"

الرد على برنامج "صوماً مقبولاً" للمدعو أندرو حبيب - الرد على الحلقة السادسة بعنوان "حجاب وحشمة لزوم رمضان"


.


.

بيان صادر من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
الرد على برنامج "صوماً مقبولاً" للمدعو أندرو حبيب - الرد على الحلقة السادسة بعنوان "حجاب وحشمة لزوم رمضان"



بيان مطرانية ملَّوي وأنصنا والأشمونين للأقباط الأرثوذكس
الرد على برنامج "صوماً مقبولاً" للمدعو أندرو حبيب - الرد على الحلقة السادسة بعنوان "حجاب وحشمة لزوم رمضان"


.

لاحظ متابعي الكريم أن كلتا البيانين يتضمنان فقرات من الكتاب المقدس!
.

وفي النهاية أنصح وبشدة بمراجعة كتاب "الحجاب شريعة الله في الإسلام واليهودية والنصرانية" للدكتور سامي عامري -حفظه الله.
.


يتبع مع الحلقة السابعة بإذن الله

تعليقات

التنقل السريع